بعد زلزال الدوحة.. هل بدأ العرب يستوعبون حجم التهديد الإسرئيلي

محمد رضوان..

كما لو أن زلزالا مُباغتا أصابها، لم تكد بلدان الخليج العربي استيعاب ما حدث في الدوحة من هجوم إسرائيلي غادر ومفاجئ بتواطؤ واضح مع الولايات المتحدة التي تقيم واحدة من أكبر قواعدها العسكرية لحماية مصالحها ومعها أمن المنطقة.

هجوم إسرائيل على الدوحة الواقعة في قلب الخليج ليس مجرد حدث يمكن إصلاح تداعياته بالتطمينات الدبلوماسية الأمريكية أو ببيانات التضامن الإقليمية وحتى الدولية على مستوى مجلس الأمن وجمعية الأمم المتحدة، فهو حدث ضخم وخطير في أبعاده الاستراتيجية والأمنية خليجيا وشرق أوسطيا.

هذا الحدث يعيد طرح تساؤلات جوهرية بشأن قناعات تم التشكيك فيها منذ حرب الخليج الأولى، وتبين أن لا مجال لتجاهلها مرة أخرى لمنع حدوث مثل ما حصل في التاسع من سبتمبر الجاري بالدوحة.

من أبرز تلك القناعات ضرورة إعادة بناء وتفعيل مفهوم الأمن القومي الإقليمي على أساس عقيدة عسكرية تحدد بوضوح هوية العدو الحقيقي بالمنطقة الذي يهدد سلامها واستقرارها، ويسعى إلى نشر الدمار والفوضى بها.

تطورات الأحداث الأخيرة والتغيرات المتسارعة في موازين القوى أظهرت أن الأمن القومي الإقليمي العربي لا يمكن تقويته إلا بتعزيز الأمن الجهوي الإقليمي عن طريق الاتحادات الإقليمية كمجلس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي، وكذلك عن طريق اتفاقات التعاون العسكري مع قوى موثوقة ذات رؤية لمصير مشترك آمن.

العلاقات بين هذه المستويات القومية والجهوية والإقليمية تقتضي تعزيز الروابط بين وحداتها السياسية المتمثلة بعناصر تكوينها من الدول أساسا، ما يفرض تجاوز الخلافات وتسوية النزاعات بينها التي تستغلها القوى المعادية كمداخل لبث الشقاق والصدام والكراهية بين الإخوة والأشقاء..

التضامن والتعاون ليس مفهوما أخلاقيا هنا فحسب، وإنما من صميم المصلحة الفردية والجماعية للدول المعنية، بل ضرورة أساسية لضمان الأمن الحقيقي والازدهار الذي تنشده شعوب المنطقة.

هناك أمل في استيعاب حجم التحديات التي أصبحت تواجهها المنطقة من خلال التحركات التي بدأت تشهدها هذه الأخيرة عبر تفعيل آليات الدفاع المشترك وقدرات الردع الخليجية، وإعلان توقيع «اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك» بين المملكة العربية السعودية وباكستان، ولقاء المسؤولين السعوديين مع مسؤولين سياسيين وأمنيين إيرانيين، وكذلك الزيارات والمشاورات التي أعقبت قمة الدوحة والتي صدرت عنها تصريحات تبدو إيجابية وفي الاتجاه الصحيح كإشادة وزير الخارجية التركي بعلاقات بلاده مع مصر وتأكيده على أن هذه العلاقات وصلت حاليا إلى “أفضل مستوياتها في التاريخ الحديث“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى