قمة الدوحة.. نهاية الجولة الأولى من صراع الشرق الأوسط الجديد لصالح إسرائيل

محمد رضوان..
ببيانها الختامي، أسدلت القمة العربية والإسلامية بالدوحة، أمس الاثنين، الستار على الفصل الأول من جولة الصراع من أجل شرق أوسط جديد لصالح إسرائيل.
هذه الأخيرة سجلت ـ للأسف ـ نقاطا على أعدائها وخصومها ومنافسيها الإقليميين في هذه الجولة، فبينما كانت قاعة المؤتمر تضج بعبارات التنديد والوعيد كان الاحتلال الإسرائيلي يدكُّ ما تبقى من غزة بعد أن حوّلها إلى “خراب” ، ويزهق أرواح من بقي على قيد الحياة من المدنيين، فيما كان وزير الخارجية الأمريكي يتجول مع مجرمي الحرب والإبادة بمقربة من الأقصى دون اكتراث بخطابات زعماء العرب والمسلمين التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية وتجاهلتها القنوات الإسرائيلية.
العرب الذين تتبعوا القمة إلى إعلان بيانها الختامي أصيبوا بالخيبة كعادتهم في نهاية كل قمة، كان بعضهم يتصور أن قادة ما يزيد على مليار ونصف المليار نسمة سيتململون هذه المرة وسيعلنون الحد الأدنى من الإجراءات العملية المباشرة للتصدي للغطرسة الإسرائيلية وللمكر الأمريكي.. لكن لا شيء من ذلك حدث، فتجاوز الشعور بالخيبة إلى الإحساس بالمهانة.
في إسرائيل، كانت هناك نشوة رمزية لدى نخبها المعتدلة والمتطرفة من فشل القمة التي اعتبروا أنها كانت قوية بالخطابات حتى إنها يمكن أن تكون درسا لطلبة العلوم السياسية في تحرير خُطب سياسية ودبلوماسية نارية بدون دخان أو أثر في الواقع.
لم يتجاوز بيان القمة سقف بيانات القمم السابقة، وهو استنكار “العدوان الإسرائيلي” ودعوات عامة لاتخاذ إجراءات، دون تحديد عقوبات ملموسة أو مقاطعات. واعتبر بعض المحللين أن القمة جسّدت حالة من التضامن “العشائري” أكثر من كونها مدخلاً لإجراءات ردعية فعلية تجاه إسرائيل، مما يضعف أثرها على صانع القرار الإسرائيلي.
أتصور أن العرب والإسرائيليين كانوا في حقيقة الأمر مخطئين في قراءة حدث القمة بالدوحة ونتائجها، لأن مناط انعقادها لم تكن القضية الفلسطينية، أو جريمة الإبادة الجماعية وكارثة التجويع الممنهج، وإنما كان الباعث والهدف من التئامها هو تلاوة بيانات التضامن مع قطر أولا وأخيرا، فهي قمة من أجل قطر وليس من أجل غزة أو فلسطين.
لذلك، هيمنت عبارات التضامن مع الدوحة على الخطابات والبيان الختامي، وكان لابد من الإشارة في السياق إلى ما يجري في غزة كخلفية لِما حدث فقط، لكن دون إشارة بالاسم إلى من استهدفهم الهجوم الإسرائيلي في حي كتارا، ودون تلميح لدور “المقاومة” وشرعيتها، ودون حتى مساندة للسلطة الفلسطينية برام الله.
أما الانتشاء بالوعود بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، فعلى أهمية هذه الخطوة من الناحية السياسية، يظل التساؤل معلقا حول أية أرض ستُقام عليها هذه الدولة بعد أن فرضت إسرائيل والولايات المتحدة واقعا جغرافيا وديموغرافيا معقدا في إقليم أصبح كيان الاحتلال يتحكم فيه بصورة مطلقة ويجول متخطيا حدود دوله وسياداتها وأمنها..
الإقليم العربي أضحى مُخترقا بالكامل، ومهترئا سياسيا وأمنيا، وميدانا مستباحا لنزهات سلاح الجوي الإسرائيلي.
بالمحصلة؛ ما يقع هو إرهاصات مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أعلن نتانياهو – للأسف – أنه بصدد إرساء ملامحه.
يُخشى أن يكون ما حدث في الدوحة هو تسجيل نقاط لصالح إسرائيل في الجولة الأولى من صراع الشرق الأوسط الجديد..