في جُبّة الصحافي الرّاحل علي حسن..

محمد رضوان..

في مسيرتي المهنية شخصيتان كان لهما تأثير عميق في تكويني وتمثلي لصورة الصحافي المغربي النموذجي؛ صحافي الوكالة بامتياز مصطفى الخوضي بالدار البيضاء، والصحافي التلفزيوني علي حسن بالرباط، رحم الله الاثنين.

في عام 1988 وبمناسبة كأس الأمم الإفريقية التي أقيمت منافساتها بالدار البيضاء، لجأت وكالة المغرب العربي للأنباء إلى استعارة ثلاث طلبة مغاربة وطالب موريتاني من المعهد العالي للصحافة للمساعدة في تغطياتها لمباريات الكأس.

كنتُ أحد أولئك الطلبة، وكان من حظي أنني اشتغلتُ جنبا إلى جنب مع الصحافي مصطفى الخوضي رحمه الله، لأنني كنت مكلفا أيضا إلى جانب تغطية بعض المباريات بترجمة قصاصاته الفرنسية إلى العربية.. حينها تعرفتُ إلى هرم كبير في الصحافة الرياضية ليس على المستوى الوطني وإنما الدولي أيضا.. كانت له علاقات قوية بالمنتخبات الوطنية وصداقات مع كبار الصحافيين العالميين..

وقبل ذلك في ربيع عام 1986، وفي سنتنا الثانية من السلك العادي بالمعهد العالي للصحافة بالرباط، دعاني الصحافي ذائع الصيت آنذاك مصطفى العلوي مع زميل لي آخر بالمعهد إلى استوديو التلفزة المغربية بزنقة البريهي قصد المشاركة في التداريب الممهدة للعمل ضمن الفريق التلفزيوني الجديد الذي سينطلق مع شعار “التلفزة تتحرك” تحت إشراف الفرنسي “باكار”..

في مستودع ملابس مقدمي الأخبار، خُيِّرنا بانتقاء ما يلائمنا منها.. كانت صورة الصحافي علي حسن في تقديمه للنشرات المسائية باللغة الفرنسية نمطية عندي، وراسخة في ذهني، ومسيطرة على خيالي..

كان علي حسن، رحمه الله، حريصا على أناقة مظهره وتقديمه لنشرة الأخبار، ابتداء من ملابسه وانتهاء بحركاته مرورا بفخامة لغته. وكان من صور أناقته تلك التي كان يرتدي فيها تلك البدلة المزركشة التي يتداخل فيها اللونان الأسود والأبيض مع عقدة فراشة العنق، والتي يبدو فيها شبيها بالفنان البلجيكي الرائع جاك بريل..

لمحتُ البدلة وعقدة فراشة العنق فارتديتُهما على الفور، ومع أن مصممة الشعر بالتلفزة فيروز الكرواني توفقت في تصميم تسريحة شعري على طريقة علي حسن، فإنني لم أنجح في تقليد عفوية وأناقة هذا الصحافي الكبير أمام كاميرات الأستوديو..

أدركتُ حينها أن المشوار لا زال طويلا لأتمثل هذه القامة الصحافية الكبيرة.

رحم الله علي حسن، ومصطفى الخوضي؛ رمزان لجيل من كبار الصحافيين المغاربة..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى