البروفيسور د. عروة صبري خطيبا جديدا للمسجد الأقصى
تعيين في إطار الحرص على استمرار رسالة الخطابة في المسجد الأقصى باعتبارها منبرًا إسلاميًا جامعًا

محمد رضوان..
داخل القدس، يدور الصراع بين المسلمين واليهود على المسجد الأقصى. ومن أهداف الفكر الصهيوني اليهودي الكبرى هدمُ المسجد لبناء المعبد وقد مهدوا لذلك من قبلُ بحرق منبر المسجد الذي يعود تاريخه إلى 583 هـ.
لذلك، فالاقتحامات المتتالية لمتطرفي الاحتلال الإسرائيلي لباحات المسجد والتضييق على المصلين والمرابطين بهذه البقعة المباركة تكتسي مخاطر تمهيد الطريق للاستيلاء على أهم معلم إسلامي خارج مكة والمدينة.
في هذه الأجواء التي تسيطر عليها التهديدات المتكررة للمسجد، جرى قبل أيام تعيين البروفيسور عروة صبري خطيبا للمسجد الأقصى، ومَثَّلَ هذا التعيين حدثا مهما ليس فقط لارتباطه بالمسجد، وإنما أيضا لهذه الشخصية التي تم اختيارها لمهمة ليست هينة من الناحيتين الدينية والسياسية.
تاريخيا، عَرفَ المسجد الأقصى خطباء جهابذة من قبيل ابن عبية المقدسي الذي كان له تأثير كبير على فن الخطابة في المسجد لأسلوبه القوي والمؤثر والجريء الداعي إلى التماسك والوحدة والحفاظ على القدس.
لكن خطيب الأقصى اليوم ربما كان في موقف أدقَّ وأخطرَ بسبب ما يتعرض له المسجد. البلاغة والخطابة مطلوبة في خطيب كل مسجد، وهي خصال لا يعدمها الأستاذ عروة صبري، لكن الأمر يحتاج أيضا إلى رفع صوت المسجد كمنبر ومنصة للدفاع عن هذا الوقف الإسلامي الكبير ومعه القدس الشريف، وتمتين اللحمة والوحدة والتضامن للدفاع عنهما من مخاطر التهويد، وتعزيز مكانتهما كمركز للمقاومة الفكرية والدينية إزاء مخاطر الهدم والتهويد.
طبعا مثلُ هذه المهمة لا يمكن لها أن تنجح في غياب أو ضعف مساندة المسلمين عبر العالم ودولهم ومنظماتهم وعلى رأسها منظمة التعاون الإسلامي.
وأحسب أن الدكتور عروة صبري قادر على أداء هذه المهمة بنجاح في حال توفر هذه المساندة التي هي واجب كل مسلم. فهو أهل لها لانتمائه إلى عائلة علمية مباركة، عُرفت بالعلم والورع والمقاومة.
فهو نجل أمين منبر الأقصى الشيخ عكرمة صبري، وحفيد قاضي القدس وخطيب الأقصى الشيخ سعيد صبري الذي عرف بصرامة موقفه وثباته على الحق، وهو حفيد مفتي قلقيلية الشيخ هاشم صبري، وولد لأم فاضلة هي الداعية الإسلامية نائلة هاشم صبري، صاحبة أول تفسير نسائي للقرآن الكريم.
والبروفيسور الدكتور عروة صبري، حاصل على شهادات أكاديمية عليا في العلوم الشرعية والفقه الإسلامي، وهو عميد كليتي القرآن الكريم والدعوة وأصول الدين في جامعة القدس، كما عُرف بدوره في التعليم والدعوة وخدمة المجتمع المقدسي، إذ نشأ في بيت علم ودين، وتربى على نهج والده وجده اللذين ارتبطت أسماءهم بالدفاع عن المسجد الأقصى المبارك وقضاياه.
لا شك أن إعلان دائرة الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس عن تعيين البروفيسور د. عروة صبري جاء في إطار الحرص على استمرار رسالة الخطابة في المسجد الأقصى باعتبارها منبرًا إسلاميًا جامعًا، يحمل رسالة دينية ووطنية للأمة، ويسهم في توجيه المصلين وتثبيت صمود المقدسيين في وجه التحديات الراهنة.