طفولة مقدسية بالديار المغربية


محمد رضوان..
يَسعدُ المغاربة صيفَ كل سنة باستقبال أطفال القدس في تقليد تم ترسيخه منذ أزيد من 15 سنة ضمن المخيمات الصيفية التي تُقام لهم بالمملكة.
عاينتُ بعض دورات هذه المخيمات فوجدتُها في غاية الحفاوة والتنظيم والفائدة المقرونة بمتعة السفر والتخييم.
الإخوة بوكالة بيت مال القدس بالرباط، كما بالقدس، يُشركون الليل بالنهار من أجل أن يشعر أطفال القدس أن لهم أهلا وأحبة في كل فضاء أو موقع أو مدينة مغربية يزورونها.
عند عودتهم إلى موطنهم، يحمل أطفال القدس معهم تلك المُصافحات والابتسامات العفوية المتدفقة من عيون المغاربة الذين يتقاطعون معهم في شوارع الرباط وطنجة أو عبر أزقة شفشاون المتعرِّجة والمتوهجة بألوانها الساحرة.
يحمل الأطفال هذه الذكريات كأحلام يقظة ليس على صور هواتفهم، بل على سحنات وجوههم وبريق عيونهم أيضا، ما يضفي حبورا على أفئدة آبائهم وجيرتهم بأحياء القدس العربية العتيقة.
لفترات وربما لسنوات، يظل أطفال القدس يتحدثون عن هذا الحلم الذي عَبَر طفولتهم كما عَبَر أجيالٌ من المغاربة على امتداد قرون القدسَ الشريف في طريقهم للحج أو للجهاد أيام الناصر صلاح الدين في مقاومته الصليبيين.
بين المغاربةِ والقدسِ تاريخٌ وقرابةٌ وأمانةٌ ظل أبناء المغرب وملوكُهم يتعهدونها جيلا عن جيل.
أحبُّ أن أقرأ تاريخ القدس وجغرافيتها كجزء من تاريخ المغرب وجغرافيته.. أكيدٌ أن “حارة المغاربة” بالقدس كانت قبل أن يجرفها الاحتلال الإسرائيلي في ذلك اليوم المشؤوم من عام 1967 نسخة من حارات فاس ومراكش والرباط وكل حارات المغرب القديمة.
مُخيمُ أطفال القدس هذه السنة بالمملكة أُطلِق عليه اسم “حارة المغاربة”.. تعبيرٌ مُوفّق لربط الحاضر بالماضي على امتداد جغرافي لا زالت الأجيال المتعاقبة تعبُر جسورَه من هنا وهناك..