قوة السينما في مواجهة العجز الإنساني

منها قضية غزة.. مهرجان لوكارنو تناول أزمات وقضايا عالمية

صحيفة لبيب.. يُسدلُ الستار غدا السبت (16 غشت 2025) على مهرجان لوكارنو السينمائي بسويسرا، الذي تميز في دورته الحالية ال 78 ببرنامج طرح تساؤلات حول الواقع الراهن. ومع ذلك، اختار المهرجان الابتعاد عن كآبة الأزمات، وقدّم تشكيلة من الأفلام الكوميدية الموازنة بين السخرية والتأمل.

ووفق موقع “سويس أنفو”، فإن هذه الدورة تأتي في ظل ما يشهده عالمنا اليوم قائمةً مُتزايدة من الأزمات، تشمل كوارث إنسانية، وجرائم حرب، وهجرات يائسة، وانهيارات مجتمعية. وفي هذا السياق، يبرز سؤال حول دور الفنون عمومًا، والسينما خصوصًا، في مواجهة هذه الأزمات.

ولذلك، قرر جيونا نازارو، المدير الفني لمهرجان لوكارنو السينمائي، المُراهنة على ما يعتبره الرد الأكثر تحضرًا على مشاكل العالم، الكوميديا. وخلافًا للاتجاهات المُعتادة، شمل مهرجان هذا العام ستة أفلام كوميدية، من أصل 17 فيلمًا في المسابقة الرئيسية. ومع ذلك، تتسم الفكاهة في العديد من تلك الأفلام بجرعات أكبر من القتامة، والفوضوية.

ولا يقتصر حضور الكوميديا على المسابقة الرئيسية؛ إذ تتخلّل أفلام ساخرة وفكاهيّة الأقسام الأخرى أيضًا. ويكرّم المهرجان هذا العام النجم العالمي جاكي شان، الذي يصفه نازارو بأنه “باستر كيتون السينما الحديثة”.

فقد نجح شان، خلال مسيرة مهنية امتدّت لأكثر من 50 عامًا، في المزج ببراعة بين الدراما، والكوميديا، والترفيه، والأكشن، وفنون القتال في كل فيلم من أفلامه.

ومع ذلك، لم يغب البعد المأساوي عن اختيارات نازارو. فيتناول المهرجان قضايا، مثل غزة، وأوكرانيا، والسودان، وإيران ليعكس مشاهد الرعب التي يشهدها العالم اليوم. ومن خلال هذا التوازن الدقيق بين الكوميديا والواقع القاسي، يراهن لوكارنو على قوة السينما في مواجهة العجز الإنساني.

بينما تحظى الحرب في أوكرانيا بإجماع غربي معادٍ لروسيا، تغيب الأفلام الروسية والأوكرانية، بشكل ملحوظ.

وفي المقابل، تحظى غزة بحضور قوي، وربما تكون الموضوع المتناول الأكثر إثارة للخلاف.

وبرز هذا الخلاف العام الماضي، عندما فاز فيلم “لا أرض أخرى”، وهو إنتاج فلسطيني نرويجي أنجزته مجموعة فلسطينية إسرائيلية، بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان برلين السينمائي (برليناله)، ثم في حفل جوائز الأوسكار. فقد أثار هذا الفوز ردود فعل عنيفة. وسارعت الحكومة الإسرائيلية، ووسائل إعلامها، وحلفاؤها في الولايات المتحدة وأوروبا، إلى انتقاد الفيلم وانتقاد تكريمه. وما زال الجدل حول كيفية التمييز بين معاداة السامية وانتقاد الدولة الإسرائيلية قائمًا.

وهذا العام، تصرُّ المسابقة الرئيسية في لوكارنو على خوض غمار هذا الخلاف؛ إذ عرضت الفيلم الفلسطيني، “مع حسن في غزة” للمخرج كمال الجعفري، بالإضافة إلى الفيلم اللبناني، “حكايات الأرض الجريحة” لعباس فاضل. وعلى الجانب الآخر، أدرج نازارو أيضا الفيلم الإسرائيلي، “بعض ملاحظات حول الوضع الراهن” للمخرج عيران كوليرين. ولأنه ليس عرضًا أولًا، فمن المقرر عرضه في قسم خاص (خارج المسابقة). ومع ذلك، يكتسي الفيلم أهميةً كبيرة يصعب تجاهلها.

وعمومًا، تركت أعمال كوليرين الفنية ، التي تضم خمسة أفلام روائية فقط، بصمة واضحة في المشهد السينمائي. فقد تناول في فيلمه الأول، “زيارة المجموعة” (2007)، التوترات العربية اليهودية، بأسلوب يجمع بين المرارة والأمل. أمَّا أعماله اللاحقة، فقد اتسمت بجرأة نقدية كبيرة، دفعت بعض النقاد في إسرائيل إلى التساؤل علنًا إن كان خائنًا للوطن .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى