زلزال المغرب وفيضانات ليبيا
صحيفة لبيب / محمد رضوان..
في أقل من أسبوع، فُوجعت منطقة المغرب العربي بكارثتين طبيعيتين خلفتا عددا ثقيلا من الضحايا البشرية والخسائر المادية والآثار النفسية، وبينما لم تكد تندمل جروح المغاربة على إثر زلزال الحوز المُدمِّر، صُودِم العالم بحجم سيول شرق ليبيا التي غمرت الأراضي، وجرفت الناس والديار في أودية عاتية من المياه المُتربَة والمندفعة.
وسواء بالمغرب أو في ليبيا، فإن عدد الشهداء ناهز الثلاثة آلاف شهيد مع احتمالات ارتفاع هذا الرقم بالنظر إلى الأعداد الكبيرة من المفقودين، وفي الوقت الذي يواجه فرق الإنقاذ والإغاثة بالحوز مصاعب مرتبطة بالمسالك الطرقية الوعرة بالجبال والمرتفعات، يجد الليبيون صعوبة بالغة في الوصول إلى المناطق المغمورة بالسيول بالكامل لإغاثة وإنقاذ من ما زالوا عالقين وانتشال الجثث التي يمكن أن تتكشَّف أعدادُها المُخيفة عن نحو 10 آلاف شهيد حسب تصريحات وزير الصحة الليبي عثمان عبد الجليل.
وإذا كان من عزاء المغاربة في فاجعة الحوز أنهم أبانوا عن روح تضامن وطنية مثيرة لإعجاب وإشادة تناقلت صورها كبريات وسائل الإعلام الدولية، فإن الليبيين يتطلعون إلى تجاوز الخلافات السياسية، وتجسيد صور ذلك التضامن والترابط وتلك الروح الأخوية المعروفة بين أبناء ليبيا عبر تاريخها القديم والحديث لتجاوز المحنة.
لكن الليبيين أيضا في حاجة إلى تضامن عربي وإسلامي قوي، فضلا عن مساعدات دولية عاجلة للتغلب على الصعوبات والآلام التي خلفتها هذه الأزمة، وهو ما دعا إليه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الذي أعلن مدينة درنة وشحات والبيضاء مناطق منكوبة، بسبب ما نجم عن السيول من خسائر هائلة في الأرواح والممتلكات، وتضرر للبنية التحتية والمرافق العامة بشكل كبير.
بلا شك، ما حدث في المغرب وليبيا من فواجع وكوارث، هو من الطوارئ التي لا يمكن توقُّعها وصَدُّها بجهود وإمكانات الدولة المتضررة بمفردها، وما حدث بالبلدين يعطينا درسا لمنطقتنا المغاربية والعربية في مدى حاجتنا لإعادة إحياء قيم حسن الجوار والتضامن العربي وتجسيد ذلك في سياسات وخطط ومواقف يومية لدول وشعوب المنطقة.
رغم إحساسنا، نحن المغاربة، بآلام فاجعة زلزال الحوز، فإن ذلك لم يُنسنا آلام إخوتنا في ليبيا إثر الفيضانات والسيول التي خلفتها عاصفة “دانيال”، ولن ينسينا وقوف أشقائنا العرب وأصدقائنا من الدول الأخرى، خارج منطقتنا المغاربية والعربية، معنا في هذه المحنة، التي لا شك أنها مأساة حقيقية.. لكنها لا تخلو من دروس في الحاجة إلى قيم وطنية وإنسانية لن نقدر على تجاوز جراحنا بدونها..