هكذا عاش المغاربة ليلة مليئة بالرعب والإشاعات.. وكذلك بالمبادرات الإنسانية لمساعدة وإنقاذ الضحايا
صحيفة لبيب / محمد رضوان..
عاش المغاربة ليلة رعب حقيقية من آخر ساعة لمساء الجمعة إلى صباح يوم السبت بسبب زلزال الحوز العنيف، وكذلك بسبب تناسل الشائعات حول مخاطر هزات ارتدادية محتملة في الساعات اللاحقة، فضلا عن مخاوف من سقوط ضحايا وحدوث أضرار جسيمة في الأرواح والممتلكات.
بمراكش والدار البيضاء وبمدن أخرى عديدة، أمضت عائلات بأكملها ليلتها خارج البيوت تحسبا لأي طارئ، فيما ضجت شبكات الاتصال الهاتفي بالمكالمات الهاتفية من داخل المغرب وخارجه إلى جانب الرسائل القصيرة النصية والصوتية، المُحذِّرة بعضُها، والمُطمْئِنة بعضُها الآخر.
مما زاد من ذعر أمس أن زلزال الحوز الذي قارب 7 درجات على سلم ريشتر، كان أقوى من زلزال أكادير الرهيب الذي بلغت قوته 5.7 درجة، والذي ضرب هذه المدينة ونواحيها في نهاية فبراير 1960، والزلزالان وقعا ليلا وفي نفس التوقيت تقريبا، أي ما بين الساعة الحادية عشرة والثانية عشرة ليلا.
وبرغم أن ذاكرة المغاربة لا زالت تحتفظ ببعض الأحداث المرتبطة بزلازل محلية كزلزال أكادير الذي خلف حوالي 15 ألف قتيل وهو ما كان يمثل زهاء ثلث ساكنة المدينة، وجرح عدد مماثل من الأشخاص فضلا عن خسائر مرتفعة مادية وعمرانية، وكذلك زلزال 1994 الذي ضرب الحسيمة بقوة 5.4 درجة على سلم ريشتر، والذي تسبب في انهيارات عديدة للمباني، فإن المغاربة لا تسكنهم هواجس الزلازل كما لدى بعض الشعوب الأخرى، نظرا لكون أرضهم تحظى نسبيا بالاستقرار والأمان من مثل هذا النوع من الكوارث الطبيعية، وكذلك لتشديد القوانين على جودة مواد وعمليات البناء والمنشآت العمومية الآمنة.
لكن رسائل نصية متبادلة طوال ليلة أمس، أظهرت أن فئة من المغاربة أصبحت تتملكها مخاوف جراء القوة العنيفة التي ضرب بها زلزال الحوز، والذي علق عليه خبراء بأنها المرة الأولى منذ قرن تُسجل فيها هزة أرضية عنيفة بهذا الشكل.
وكعادتهم في حالات طوارئ من هذا النوع، أبدى المغاربة عقب زلزال أمس تضامنهم مع الضحايا والمتضررين تمثلت في مشاركة الساكنة المحلية في عمليات إنقاذ الناجين من الزلزال، ومدِّ يد المساعدة للسلطات المحلية في عمليات الإنقاذ في إطار مبادرة إنسانية ومواطنة، فضلا عن المبادرات المكثفة للتبرع بالدم، وجمع تبرعات المتطوعين، إلى جانب مئات النداءات التي وجهتها الجمعيات الإنسانية والاجتماعية بالمنطقة للانخراط في الجهود المبذولة من قبل السلطات المحلية، كما تمت تعبئة أطباء المراكز الصحية من أجل توفير العلاجات اللازمة للجرحى.
وبتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، نشرت القوات المسلحة الملكية، بشكل مستعجل، ليلة 9 شتنبر 2023، على إثر الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز، وسائل بشرية ولوجيستية مهمة، جوية وبرية، إضافة إلى وحدات تدخل متخصصة مكونة من فرق البحث والانقاذ، ومستشفى طبي جراحي ميداني.
إنها لحظة مأساوية جماعية.. لكنها أيضا لحظة تضامن شعبية قوية.