المتقاعد المغربي في الإعلام العمومي.. خيبة أمل من تجاهل مشاكله الحقيقية

محمد رضوان.. تتبع مئات المتقاعدين المغاربة برنامج “45 دقيقة” الذي بثته القناة التلفزية الأولى مساء أمس الأحد، حول التقاعد بالمغرب، وليس أوضاع المتقاعدين المغاربة، لكنهم أصيبوا بخيبة أمل من محتوى البرنامج الذي لم يتطرق إلى عمق المشكلة التي يتخبط فيها المتقاعد المغربي، وفق ما أفاد به عدد من المتقاعدين في تعليقاتهم على البرنامج.

ويبدو أن حصة كبيرة من البرنامج وُجهت إلى المُقبلين على التقاعد أكثر من الاهتمام بالأوضاع الحالية للمتقاعدين، بحيث كان التركيز على توجيه نصائح للموظفين والعاملين المزاولين من أجل الاستعداد لمرحلة التقاعد عن طريق الادخار بواسطة التقاعد التكميلي أو إنشاء مشاريع ذاتية لدعم المعاش في المستقبل، وكأن الرسالة الأساسية للبرنامج كانت تحفيز العمال والموظفين إلى اللجوء إلى بعض مؤسسات الادخار التقاعدي لفتح حسابات التقاعد التكميلي لديهم.

ضعف المعاش وعدم ملائمته لظروف العيش هو من المشاكل الأساسية للمتقاعدين، وهذا أمر أصبح معلوما بالضرورة لدى العام والخاص، وحتى لدى المسؤولين الحكوميين وممثلي الأمة في البرلمان أصبحوا واعين بهذه القضية التي تتداولها الألسن في كل ساعة وفي كل مكان، لكن هناك مشاكل أخرى عديدة لا تقل أهمية وحِدَّة من مشكل المعاش والتي لم يأت البرنامج على ذكرها أو الإشارة إليها.

من ذلك غياب الاهتمام بالمتقاعد، وأيضا كبار السن، في السياسات العمومية والبرامج الحكومية؛ فليست هناك مؤسسة رسمية خاصة تُعنى بأوضاعهم، وليست هناك امتيازات من باب الوفاء لهم يستفيدون منها في النقل أو الصحة، أو الترفيه أو السياحة. وعدا المقاهي، لا يجد المتقاعد المغربي فضاءات ملائمة لممارسة بعض هواياته أو تنميتها أو نقلها إلى الشباب.

كل متقاعد يكتنز في عقله ومهارته اليدوية خبرة لا تقل عن ثلاثين سنة، وجميع المتقاعدين مستعدون، بمقابل مادي بسيط أو بالتطوع، لإفادة أبناء المجتمع من الشباب والأطفال، وبل بعض المؤسسات، من هذه الخبرة التي تضيع يوما بعد يوم مما يترك شعورا بخيبة أمل عندهم بسبب الإحساس بإهمالهم وتهميشهم وعدم تثمين خبرتهم.

أيضا من النقائص التي اعترت البرنامج أنه تجاهل دور جمعيات المجتمع المدني والهيئات وبعض النقابات، وخاصة فدرالية الجمعيات الوطنية للمتقاعدين بالمغرب (FANAREM) التي تضم عشرات الجمعيات وآلاف المتقاعدين عبر المملكة، والتي ناضلت إلى جانب هذه لهيئات والجمعيات، عن طريق الاتصالات والعرائض والمراسلات، من أجل تحسين وضعية المتقاعدين المغاربة ونقل مشاكلهم وقضاياهم إلى المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين ومسؤولي صناديق التقاعد.

ولم يُفهم لماذا لم يفتح البرنامج المجال لأي مسؤول من هذه الهيئات أو ممثل لفدرالية (فاناريم) التي تضم قامات كبيرة من الأطر وذوي الخبرة في مجال التقاعد والمعاش والعمل الجمعوي.

يبدو أننا أصبحنا في حاجة ماسة لنشر ثقافة التقاعد، وإعلام مستقل متخصص في قضايا ومشاكل المتقاعدين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى