الاتحاد الأوروبي يتوصل إلى اتفاق حول إصلاح واسع لنظام الهجرة مثير للجدل

منظمات تحذر من تحوّل هذا الميثاق إلى “نظام سيء التصميم ومكلف وقاسٍ”

بعد مناقشات دامت سنوات طويلة ومفاوضات في اللحظة الأخيرة استمرت طوال الليل الماضي، توصّل النواب الأوروبيون والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي صباح الأربعاء إلى اتفاق بشأن مسألة شائكة تثير قلق الحقوقيين وهي إصلاح نظام الهجرة.

وأشادت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون بما وصفته بأنه “لحظة تاريخية”، فيما أعلن وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي في بيان إن الاتفاق سيجعل إيطاليا تشعر بأنها “أقل وحدة” في مواجهة حركة الهجرة معتبرا أنه يوفر “حلا متوازنا” للدول الواقعة على حدود الاتحاد.

وكتبت الرئاسة الإسبانية لمجلس الاتحاد الأوروبي على “اكس” إنه “تم التوصّل إلى اتفاق سياسي بشأن الملفّات الخمسة من الميثاق الجديد للهجرة واللجوء”.

ويشكّل هذا الميثاق الذي قدّمته المفوضية الأوروبية في أيلول/سبتمبر 2020 محاولة جديدة لإعادة صياغة اللوائح الأوروبية، بعد أن فشلت محاولة سابقة في 2016 في أعقاب أزمة اللاجئين.

والهدف هو إقرار مجمل النصوص بشكل نهائي قبل الانتخابات الأوروبية المقرّر تنظيمها في حزيران/يونيو 2024، علما أن مسألة الهجرة تتصدّر النقاش السياسي في عدّة بلدان أوروبية، على خلفية تصاعد الأحزاب اليمينية المتطرّفة والشعبوية.

وينصّ الإصلاح الذي يتضمن سلسلة من النصوص، على مراقبة معزّزة لعمليات وفود المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي وإقامة مراكز مغلقة بالقرب من الحدود لإعادة الذين تُرفض طلباتهم للجوء بسرعة أكبر، فضلا عن آلية تضامن إلزامية بين البلدان الأعضاء لمساعدة الدول التي تواجه ضغوطا كبيرة.

وما زال ينبغي أن يحصل هذا الاتفاق السياسي رسميا على موافقة كلّ من المجلس (الدول الأعضاء) والبرلمان الأوروبي.

وللمصادفة، تمّ التوصّل إلى هذا الاتفاق بعد إقرار البرلمان الفرنسي ليل الثلاثاء قانونا مثيرا للجدل حول الهجرة أحدث شرخا في معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون بسبب تأييد اليمين المتطرّف للمبادرة.

ويثير إصلاح نظام الهجرة في الاتحاد الأوروبي انتقادات منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان.

ووجّهت نحو خمسين منظمة غير حكومية، من بينها “العفو الدولية” و”أوكسفام” و”كاريتاس” و”أنقذوا الأطفال”، رسالة مفتوحة إلى المفاوضين لتحذيرهم من تحوّل هذا الميثاق إلى “نظام سيء التصميم ومكلف وقاسٍ”.

وندّد النائب الأوروبي داميان كاريم على “اكس” بميثاق “معيب لأجمل قيم أوروبا”، وكتب “خرجنا بنص هو أسوأ من الوضع الحالي… سنموّل جدرانا وأسلاكا شائكة وأنظمة حماية في كل أنحاء أوروبا”.

– تضامن إلزامي –

يُبقي الإصلاح على القاعدة المعمول بها حاليا ومفادها أن أول بلد يدخله طالب اللجوء في الاتحاد الأوروبي هو الذي يتولّى متابعة ملفّه، مع بعض التعديلات. لكن، بغية مساعدة البلدان المتوسطية التي تصل إليها أعداد كبيرة من المهاجرين، يُعتمد نظام تضامن إلزامي في حال اشتدّت الضغوط عليها.

وينبغي للدول الأعضاء الأخرى تقديم المساعدة، إما من خلال تولّي طلبات اللجوء (نقل أصحاب الطلبات إلى أراضيها) أو من خلال تقديم دعم مالي أو مادي.

وينصّ الإصلاح أيضا على “فرز” المهاجرين عند وصولهم وعلى مسار معجّل عبر “آلية على الحدود” للمهاجرين الأقل أهلية مبدئيا للحصول على حقّ اللجوء، تسمح بإعادتهم في أسرع وقت إلى بلد المنشأ أو العبور.

وسوف تطبّق هذه الآلية على الوافدين من بلدان تقل نسبة منح حقّ اللجوء لمواطنيها عن متوسط 20 % في الاتحاد الأوروبي.

وشدّد المجلس على أن يشكل هذا الإجراء أيضا العائلات مع أطفال دون الثانية عشرة، ما يقتضي وضع هؤلاء في مراكز احتجاز بالقرب من الحدود أو المطارات.

وحصل البرلمان الأوروبي بهذا الصدد على ضمانات بشأن آلية لمراقبة الحقوق الأساسية في سياق هذه الآلية على الحدود، وظروف إيواء العائلات التي لديها أطفال صغار، وحصول المهاجرين على مشورة قانونية مجانية، وفق ما أوضحت النائبة الأوروبية الفرنسية فابيان كيلير (رينيو يوروب)، وهي المقرّرة المعنية بأحد هذه النصوص.

ومن النصوص الأخرى التي تمّ التوافق عليها، تسوية بشأن حالات الأزمات والقوّة القاهرة بغية تنظيم الردّ في وجه تدفّق كثيف للمهاجرين إلى دولة في الاتحاد، كما حصل وقت أزمة اللجوء في 2015-2016.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى