المتقاعد المغربي بين قمة العطاء وقيمة الوفاء

فرق شاسع بين وضعية المتقاعدين المغاربة مقارنة مع نظرائهم في بعض البلدان المتوسطية

صوت المتقاعد – 15/01  غشت 2020

في ندوة بعنوان :”المتقاعد بين قمة العطاء وقيمة الوفاء” نظمت في فبراير 2020 بالرباط سلط المشاركون فيها الضوء على وضعية المتقاعد المغربي خاصة من يرتبط معاشه بالصندوق المغربي للتقاعد أو بالصندوق الجماعي لمنح رواتب التقاعد أمام تصاعد وتيرة التحديات الاقتصادية وتزايد حدة الإكراهات الاجتماعية أمامه بعدما أفنى زهرة شبابه في خدمة الوطن والمواطنين.

ولم يغفل المشاركون في هذا اللقاء، الذي نظمته جمعية قدماء موظفي البرلمان بغرفتيه وبشراكة مع جمعية قدماء وزارة الاتصال صياغة عدد من المقترحات والتوصيات التي تسعى إلى تحسين الوضعية الاجتماعية للمتقاعد في القطاعين العام والخاص بالمغرب، تفعيلا لمقتضيات الفصل 31 من الدستور الذي ينص على أنه من واحب الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

واعتبر متدخلون أن فئة المتقاعدين تعد شريحة اجتماعية لا غنى عنها بالنظر للخبرات والتجارب المكتسبة طيلة مسارها المهني، مما يؤهلها لتشكيل قوة اقتراحية فاعلة في أفق المساهمة في إبداء الرأي وتفعيل عدد من المشاريع التنموية في ظل التعبئة الوطنية الشاملة لإقرار النموذج التنموي الجديد الذي طالب به جلالة الملك محمد السادس، وهو النموذج الذي في حاجة ماسة إلى انخراط شامل من جميع مكونات وكفاءات ومؤهلات الوطن بغية إنجاحه خلال السنوات القادمة.

وبرأي عدد من المتدخلين، فإن المتقاعد المغربي لابد أن يحظى بالاعتراف والتكريم والتقدير الذي يستحقه نظير ما قدمه للوطن من تضحيات وخدمات طوال فترة العمل. وتناول اللقاء الأنظمة التي تهم المتقاعد المغربي، وخصم الضريبة على المعاش لفئة مهمة من المتقاعدين رغم أنهم قد أدوها أقساطا خلال فترة عملهم. مشيرا إلى أن بعض الأنظمة لا تخدم وضعية المتقاعد كنظام القروض البنكية الذي لا يقر تسهيلات وامتيازات خاصة بالمتقاعد.

وأكد مشاركون في اللقاء أن تحسين أوضاع المتقاعد من شأنه أن يرفع مستوى معيشة المواطن مبرزين أن الحكومة إذا كانت تقر زيادة رواتب الموظفين والأجراء بين سنة وأخرى في إطار الحوار الاجتماعي، فإنها مسؤولة أيضا عن رعاية حقوق مواطنيها من المتقاعدين، وملزمة بزيادة رواتبهم وإلغاء الضريبة على معاشهم،لأن الزيادة هنا لا تبنى على قاعدة الانتماء الوظيفي، وإنما تبنى على قاعدة المواطنة والمصلحة العليا للوطن وللاقتصاد الوطني

وبخصوص قضية تضريب معاشات المتقاعدين بالمغرب ، فقد سارع العديد من النشطاء في مرات متتالية إلى إطلاق  عريضة وطنية تسعى إلى إعفاء معاشات المتقاعدين من اقتطاع الضريبة على الدخل بالمغرب، مشددين على أن الضريبة “غير قانونية”؛ لأن رواتب هذه الفئة قد خضعت للتضريب أثناء مزاولة العمل، ومؤكدين على أن المتقاعد قد أدى ما يكفي من الضرائب للدولة ومنهم أيضا من طالب باستفادة المتقاعد من نسبة الأرباح السنوية لأمواله ومدخراته التي تستثمر في مشاريع متعددة من طرف صناديق التقاعد علما بأن معاشات أعضاء الحكومة والبرلمان هي معفاة من الاقتطاع الضريبي بنص القانون،وهي المفارقة العجيبة والغريبة التي تجري تحت أنظار حكومة اسمها حكومة العدالة والتنمية

ولم يغب عن اللقاء طرح التساؤل المعتاد حول رفض المتقاعدين من ضريبة الدخل، ومعارضة مقترح بشأن حذف معاش التقاعد من قائمة المداخيل الخاضعة للضريبة على اعتبار أن الأجير يؤدي مساهمات من المنبع طيلة حياته المهنية.

وتساءل متدخلون عن سبب غياب ممثلي المتقاعدين في معظم جلسات الحوار الاجتماعي مع أنهم يتأثرون بالزيادات المتوالية في الأسعار من وقت لآخر مقابل جمود معاشاتهم.

وبمقارنة وضعية المتقاعدين المغاربة بنظرائهم في بعض البلدان، ولا سيما في الجوار الأروبي، يتضح فرق شاسع بين الوضعيتين، إذ يتمتع المتقاعد الأروبي بحد أدنى للأجور لا يقل في الغالب عن 1400 أورو بالشهر حسب المستوى الاقتصادي، ويستفيد غالبا من المجانية في الدواء وفي العلاجات وفي الاستشفاء داخل أو خارج المشافي العمومية كالعمليات الجراحية وعمليات التوليد والمتابعة وغيره ومن تعليم لأبنائه بجودة عالية مع توفير المستلزمات الدراسية والنقل المجاني ومن تعويضات شهرية وسنوية للأسر ذات قيمة معتبرة ومن الدعم المدرسي المالي لأبنائها ورعاية خاصة للمواليد وللأطفال عموما من الصندوق المخصص لذلك ومن التعويض الشهري عن توقف أو فقدان الشغل لكل مواطن أو مواطنة كيفما كان حاله وتمتيعه بالمجانية في كثير من ضرورات العيش اليومي وكذا توفير الإيواء المجاني له من قبل الدولة أو دفع مقابل مادي للاستفادة منه حسب الاستطاعة. ولا داعي التذكير بأن الدول المتقدمة الراقية مثل اليابان وألمانيا والسويد تهتم بمواطنيها المتقاعدين وتقدم لهم امتيازات متعددة منها بطاقة تأمين صحي شاملة مدى الحياة للولوج لكل  المؤسسات الصحية في الدولة، وامتيازات الرفاهية بخصم 50% من قيمة تذاكر السفر، و منح بطاقة اشتراك في النوادي والمنتجعات الحكومية بالمجان، و إمكانية الحصول على القروض بدون فوائد، و تنظيم رحلات سياحية بأسعار تفضيلية داخل وخارج البلاد، ومجانية الولوج أو بأسعار في المتناول للمتاحف والمنتزهات والمحميات الطبيعية وحدائق الحيوانات والمسابح  العمومية. كما تمنحهم  مجانية التنقل أو بأسعار خاصة بالمتقاعد عبر الحافلات والقطارات ووسائل النقل العمومية الأخر، والاستفادة من تخفيضات تجارية خاصة مراعاة لسن المتقاعد، وإنشاء جامعة خاصة بالمتقاعدين باليابان ليقدموا من خلالها دراساتهم وبحوثهم والانخراط بدورات تدريبية من أجل خدمة المجتمع والزيادة في تدليل المتقاعد لحمايته من الكآبة ومن الفراغ القاتل،وغيره كثير من الامتيازات الممنوحة للمتقاعد.

زر الذهاب إلى الأعلى