المتقاعدون وحظر التجول

افتتاحية العدد 17- 16 / 30 أبريل 2021

محمد رضوان

قبل كورونا، كان «حظر التجول» مفهوما أمنيا خالصا لا يُسمع به إلا في البلدان التي تحكمها الأنظمة العسكرية أو الاستبدادية أو تلك التي تشيع فيها الفوضى بسبب انقلاب مفاجئ أو حرب أهلية أو كارثة وطنية كبرى، وكانت شعوب الأنظمة المُبرّأةِ من هذه الآفات السياسية والاجتماعية لا تعرف عن هذا الحظر شيئا إلا ما كانت تذيعه محطات الإذاعة وشاشات التلفزة ولم يسبق لها أن اختبرته في واقعها اليومي..

«حظر التجول» عادة ما يرتبط بحالة استثنائية أو حالة طوارئ، وهو – أي حظر التجول- وإن كان ذا خلفية أمنية بالدرجة الأولى لكونه يرمي إلى حماية المواطن والمجتمع والدولة مما قد يتهددها من الأخطار الطارئة والحوادث العنيفة المستجدة، إلا أن مفهومه ذو دلالة قانونية تؤطرها النصوص الدستورية والتشريعية لكل بلد باعتباره آلية تمكن السلطات من تسهيل عملها أثناء الطوارئ واستعادة النظام الاجتماعي..

وعندما تنتفي مبرراته، فإن هذا المفهوم يصبح أداة يلجأ إليها الحكم الاستبدادي لفرض نظامه الديكتاتوري..

اليوم، أصبحت معظم الأنظمة الدستورية والديمقراطية في ظل جائحة كورونا مضطرة إلى أجرأة «حظر التجول» لمنع الحركة بالساحات والشوارع لفترات طويلة أو محدودة..

بدون شك، جيل المتقاعدين اليوم لم يسبق له أن عاش، خلال العقود السابقة، هذه التجربة الاستثنائية من حظر التجوال ومنع الحركة وخاصة في ليالي رمضان التي اعتادوها نشيطة في المساجد وصاخبة في المقاهي والأسواق والشوارع..

لكن أحدا لم يخطر بباله قط أن ينشأ تهديد مختلف للنظام الاجتماعي والصحي العام..

إنها سطوة كورونا التي فرضت قانونها على العالم، وغيرت ملامح الأيام والشهور، ولم يسلم منها شهر رمضان..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى